أخر الاخبار

تايوان والصين .. الخلفية التاريخية للصراع ..د. يسري الشباسي

تايوان والصين .. الخلفية التاريخية للصراع


زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى جزيرة تايوان أثار أجواء العالم إعلامياً لما قد يترتب عليه من صراع جديد بين واشنطن وبكين.




واشنطن لا تثير مثل هكذا زوابع إلا لأهداف مرحلية (تكتيكية) تمثل جزءً من خطة إستراتيجية.

زوبعة بيلوسي هي بدون شك تندرج تحت تصنيف العمل السياسي الذي يهدف لتحقيق أكثر من هدف تكتيكي لكن ذلك كله لا يمكن أن ينجح ولو جزئياً إلا إذا تم على أرض ملتهبة بالثأر التاريخي والذي تجيد واشنطن إستغلاله جيداً في أكثر من بقعة على الأرض .. بل إنها تقتات عليه.

معرفة الخلفية التاريخية للصراع بين تايوان والصين مهم من أجل فهم الأحداث وتوقع مآلاتها.

كانت تايوان والصين تنضويان تحت حكم إمبراطورية سلالة تشينج لمدة حوالي ألفين عاما حتى قامت ثورة القوميين (الكومنتانج) في 1911 والتي خلعت تلك السلالة الإمبراطورية وأعلنت الصين جمهورية في الأول من يناير للعام 1912.

بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 وهزيمة اليابان وإنساحبها من الصين وتايوان قامت في الصين حرب أهلية بين القوميين الكومنتانج الذين كانوا على سدة الحكم وبين الميليشيات الشيوعية بقيادة ماو تسي تونج والتي إنتهت بسيطرة الشيوعيين على بر الصين الرئيسي بينما فر القوميون الكومنتانج إلى جزيرة تايوان.

لم يعترف العالم بحكومة ماو تسي تونج الشيوعية وظل العالم يتعامل مع القوميين الكومنتانج في تايوان بإعتبارهم الممثل الشرعي للصين بل ظلت الحكومة في تايوان تحتفظ بالمقعد الدائم في الأمم المتحدة وحق الفيتو.

ظل الأمر هكذا لمدة 22 عاما (1949-1971) حتى صدر قرار الأمم المتحدة رقم 2758 في 25 أكتوبر 1971 والذي قلب الوضع رأسا على عقب حيث سحبت الأمم المتحدة إعترافها بتايوان وسحبت منها المقعد الدائم وحق الفيتو وأعطت ذلك كله لجمهورية الصين الشعبية.

ظل القوميون الصينيون يديرون دولتهم في جزيرة تايوان بلا إعتراف دولي منذ 1971 لكنهم تفوقوا على أقرانهم في بر الصين في كل المجالات ماعدا القوة العسكرية بسبب قلة عددهم .. 23 مليون في تايوان مقابل حوالي 1500 مليون في بر الصين لكن الناتج القومي للفرد في تايوان يعادل حوالي 2.6 ضعفاً للناتج القومي للفرد في بر الصين.

هذه الخلفية التاريخية للصراع بين الصينيين في كل من تايوان والصين على مدار أكثر من مئة عام يجعل من الصعب لهما أن يلتقيان مرة أخرى بعدما ترسخ الإختلاف الثقافي بينهما .. كل الإختلافات يمكن تجاوزها بالسياسة تارة وبالحرب تارة أخرى ماعدا الإختلافات الثقافية.

الإختلافات الثقافية للمجتمعات لا يمكن تغييرها بالسياسة ولا حتى بالحرب .. إنها مسألة تتعلق بالأرواح المجندة ما تعارف منها إئتلف وما تنافر منها إختلف -

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري:

النَّاسُ مَعادِنُ كَمَعادِنِ الفِضَّةِ والذَّهَبِ، خِيارُهُمْ في الجاهِلِيَّةِ خِيارُهُمْ في الإسْلامِ إذا فَقُهُوا، والأرْواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَما تَعارَفَ مِنْها ائْتَلَفَ، وما تَناكَرَ مِنْها اخْتَلَفَ.

د. يسري الشباسي

3 أغسطس 2022
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -