أخر الاخبار

إن لم تجد لها حلاً فدعها تتحلل د. يسري الشباسي

إن لم تجد لها حلاً فدعها تتحلل

كنا ونحن صِغاراً نسمع أهالينا يقولون '' كل عقدة ولها حلَّال '' وكنا نتعجب من ثقتهم في ذلك القول لأننا كنا نرى أن كثيراً من العُقد (المشاكل) لا حل لها.



كانت رؤيتنا غير صحيحة لأننا كنا ننظر إلى المشاكل (العُقد) في مداها القصير ولم يكن عندنا من الصبر أو الإهتمام ما يجعلنا نتابع تلك المشاكل وما آلت إليه في المدى البعيد.

لكن مع طول العمر وإعادة النظر في مشاكل قديمة - تخصنا أو تخص غيرنا - أيقنا صدق مقولة أهالينا '' كل عُقدة ولها حلَّال ''.

مع طول العمر رأينا كيف أن المشاكل التي لم يكن يبدو لها في الأفق أي حل قد تحللت من ذاتها مع الزمن لمن صبر.

الذين يفهمون حقيقة الدنيا والمخلوقات يدركون أن الصبر ما هو إلا التطبيق العملي لذلك الفهم حتى ولو لم يكن من منطلق إيماني.

الحقيقة التي لا يدركها - أو ينساها - كثيرٌ من الناس هي أن للدنيا عمر وللناس أعمار ولكل مخلوق على الأرض عمر محدد.

كل المشاكل تصدر عن مخلوق على الأرض من إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد.. وبما أن لكل مخلوق عمر محدد فكذلك كل المشاكل لها أعمار محددة.

فالصبر إذن على المشاكل - التي لا نجد لها حلاً - هو قمة الحكمة الصادرة عن علمنا أن لكل مشكلة عمر محدد وبالتالي فإنه إن لم نجد لها حلاً فإن الصبر عليها حتى ينتهي عمرها فتتحلل من ذاتها هو الحل.

''كل عُقدة ولها حلال''... هي قمة الحكمة حيث الصبر - عند العجز عن إيجاد حل
للمشكلة - هو كفيل بتحلل العُقدة عندما ينتهي عمرها.

إن لم تقتنع بالصبر من باب الإيمان فعليك به من باب المنطق العلمي والذي لخصه الله سبحانه لنا عندما نصحنا بالإستعانة بالصبر... و الإستعانة تعني أن الصبر يأتي بعد الإجتهاد في إيجاد الحلول أو معه ولا يأتي قبلها أو بدونها :
'' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ'' (البقرة 153).

كل عُقدة إلى حل أو إلى تحلل.. بالعقل أو بالصبر أو بكليهما معا.

د. يسري الشباسي
٢٨ نوفمبر ٢٠١٧
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -